ترجمات خاصة - قدس الإخبارية: قدّم رئيس أركان جيش الاحتلال أيال زامير صباح اليوم عرضًا مطولًا أمام قيادة الجيش تناول ما سُمّي بـ”التحقيق الأعلى” حول إخفاقات السابع من أكتوبر، وهو التقرير الذي أعدّته لجنة برئاسة اللواء المتقاعد سامي ترجمان على مدى خمسة أشهر، وخلص إلى سلسلة من الملاحظات القاسية حول الأداء الاستخباري والعملياتي والمؤسساتي في جيش الاحتلال.
الجلسة التي استمرت ساعات شهدت توترًا وتبادل اتهامات بين قادة شاركوا في المعارك الأولى جنوب الأراضي المحتلة، فيما حاول زامير أن يرسم مسافة بينه وبين سلفه داعيًا إلى تشكيل لجنة تحقيق خارجية مستقلة شاملة، بعد أن كان يؤيد سابقًا تشكيل لجنة تحقيق رسمية بموجب القانون.
التقرير أظهر أن نحو ثلثي التحقيقات التي أجراها الجيش منذ الحرب اتسمت بالقصور أو النقص، وأن خمسة منها صُنفت في خانة الفشل الكامل. اللجنة وجدت أن معظم أجهزة الجيش، وعلى رأسها شعبة العمليات والاستخبارات والقيادة الجنوبية، فشلت في إدراك طبيعة التهديد الذي تمثله حماس، واستمرت في التعامل معها كتنظيم محدود رغم تعريفها منذ سنوات بأنها “جيش منظم”.
وكشف التحقيق أن الخطط الدفاعية الموضوعة لم تتضمن أي تصور لهجوم واسع أو تسلل بري شامل، وأن القيادة الجنوبية لم تنفذ أوامر الاستنفار ليلة الهجوم، في حين لم تصل المعلومات الاستخبارية إلى سلاح الجو إلا قبل ساعات من بدء الاقتحام.
وأشار التقرير إلى أن جذور الفشل تمتد إلى عام 2018 حين بدأت الاحتجاجات على حدود غزة، وأن المؤسسة العسكرية للاحتلال تجاهلت مؤشرات التحول في قدرات المقاومة واستمرت في نهجها الروتيني. كما انتقدت اللجنة ثقافة العمل داخل الجيش وغياب التنسيق بين أذرعه المختلفة، وخصوصًا بين الجيش والشرطة خلال الهجوم على مهرجان نوفا، معتبرة أن هذا التشرذم ساهم في ارتفاع حصيلة القتلى والأسرى.
وفي تقييمها النهائي رأت اللجنة أن ما جرى لم يكن نتيجة خلل موضعي بل انهيار بنيوي في منظومة التفكير العسكري، وأن فشل التقدير المسبق سبقه فشل في بناء خطط طوارئ مناسبة وفي اتخاذ قرارات حاسمة عند توافر المؤشرات الأولى للهجوم.
التقرير حدد ستة أسباب رئيسية لما جرى، أبرزها الانفصال بين الواقع الأمني والتصور الإسرائيلي تجاه غزة، والإخفاق الاستخباري في فهم نوايا حماس، والإهمال في متابعة خطة “جدار أريحا” الخاصة بالدفاع الحدودي، وغياب المهنية في اتخاذ القرار وتشغيل القوات في الساعات الحرجة، إضافة إلى الفجوة العميقة بين مستوى التهديد وبين الجاهزية العملياتية للقوات.
واعتبر التحقيق أن جيش الاحتلال فشل في التعلم من تجاربه السابقة، إذ ظلت أذرعه الاستخبارية والعملياتية تعمل بمعزل عن بعضها البعض، ما جعل المعلومات تتشتت بدل أن تُبنى عليها حالة تأهب حقيقية.
وأوصت لجنة ترجمان بتشكيل فريق عمل جديد برئاسة نائب رئيس الأركان تمير يادعي لوضع خطة متعددة السنوات لتطبيق الدروس المستفادة، وجعل سيناريو الحرب المفاجئة قاعدة إعداد الجيش في المستقبل، مع إصلاح شامل لجهاز الاستخبارات وتعزيز مكانة الإنذار المبكر في سلّم الأولويات. كما شددت على ضرورة إعادة تنظيم منظومة الدفاع المدني وتحديد صلاحيات القادة الميدانيين وتوزيع الموارد بما يضمن جاهزية ميدانية متكاملة.
في ختام الجلسة قال زامير إن الجيش يواجه “إخفاقًا هائلًا كلّف حياة آلاف المستوطنين والجنود”، مؤكدًا أن الهدف ليس التغطية على الفشل بل الاعتراف به والتعلم منه. وأضاف أن ما يهم الآن هو الانتقال من مرحلة التحقيق إلى مرحلة التصحيح، وبناء منظومة تمنع تكرار مثل هذا الانهيار في المستقبل، معتبرًا أن ما حدث في السابع من أكتوبر يجب أن يكون نقطة تحول في بنية الجيش وثقافته وأسلوب عمله.



